باحث أسترالي: اليمن الموحد لم ينجح.. والانفصال بات حلاً واقعياً

“مكتب الإعلام” وكالات:

في مقال تحليلي نُشر على منصة “ميديوم” بعنوان “لا مزيد من الوحدة: حل الدولتين في اليمن”، تناول الباحث الأسترالي كريستوفر بالير جيرال جذور الأزمة اليمنية الراهنة من منظور تاريخي وسياسي، معتبرًا أن مشروع الوحدة بين الشمال والجنوب فشل في تحقيق الاستقرار والتنمية، وأن العودة إلى صيغة الدولتين تمثل اليوم الخيار الأكثر واقعية لإنهاء الصراع.

يرى جيرال أن الجنوب، المعروف سابقًا باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كان يتمتع بهوية سياسية مستقلة وتجربة دولة حديثة تبنت النهج الاشتراكي، قبل أن يدخل في وحدة مع الشمال عام 1990 نتيجة ضغوط سياسية واقتصادية متراكمة. لكن هذه الوحدة — كما يقول — سرعان ما تحولت إلى حالة من التهميش والإقصاء للجنوب، ما ولّد شعورًا متناميًا بالظلم وعدم المساواة بين أبناء المناطق المختلفة.

ويشير الباحث إلى أن التحولات التي شهدها العالم مع نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي دفعت الجنوب إلى الوحدة دون توازن حقيقي في المصالح أو تقاسم للسلطة والثروة، وهو ما جعل الوحدة هشّة بطبيعتها، لتنفجر لاحقًا في حرب 1994 التي كرّست الهيمنة الشمالية وأضعفت مؤسسات الدولة.

وفي تحليله للواقع الراهن، يؤكد جيرال أن الجنوب اليوم يعيش مرحلة “استعادة للهوية والسيادة”، بفضل الدور المتنامي للمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة اللواء عيدروس الزُبيدي، الذي يطرح رؤية واضحة لبناء دولة جنوبية مستقلة تعتمد على موقعها الجيوسياسي ومواردها الطبيعية وشراكاتها الإقليمية مع دول الخليج العربي.

ويرى الكاتب أن حل الدولتين لا يعني بالضرورة القطيعة أو العداء، بل يمثل نموذجًا واقعيًا لتعايش سياسي متوازن، حيث يمكن لدولة الجنوب الجديدة ودولة الشمال المنبثقة عن سلطة الحوثيين أن تتعاونا في مجالات الأمن والتجارة والإقليم المشترك، دون فرض هوية قسرية على أي طرف.

ويختتم جيرال تحليله بالتأكيد على أن المجتمع الدولي لا يمكنه تجاهل “الحقائق الجديدة على الأرض”، مشيرًا إلى أن مستقبل اليمن لن يُبنى على شعارات الوحدة بل على الاعتراف بالتنوع والاختلاف والحق في تقرير المصير، مؤكدًا أن الجنوب العربي يمتلك كل مقومات الدولة الحديثة إذا ما حظي بالدعم السياسي والاقتصادي الكافي من شركائه الإقليميين والدوليين.