العاصمة عدن/مكتب الإعلام/خاص:
دق الصحفي العلمي بسام القاضي، رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية (HJF)، ناقوس الخطر، محذرًا من مستقبل سواحل عدن الجنوبية. ووصف القاضي، المتخصص في قضايا المناخ والبيئة، التمدد العمراني العشوائي بأنه “طوفان وشيك” يهدد مدنًا رئيسية مثل عدن وأبين وحضرموت. وأرجع ذلك إلى “الفوضى التخطيطية وتجاهل القوانين البيئية” التي تغذي سباقًا عمرانيًا يفتقر إلى رؤية الاستدامة.
وكشفت مقالة حديثة للقاضي، نُشرت حصريًا في “الأيام”، أن عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة شهدت بعد حرب آذار/مارس 2015 “ازدهارًا عشوائيًا في مشاريع المدن السكنية، يُنفّذ غالبًا دون تخطيط حضري، وبعيدًا عن الرقابة المؤسسية”. ويرى القاضي أن هذا التوسع لا يعكس نموًا طبيعيًا، بل “يكشف عن فقدان البوصلة في إدارة الأرض والساحل”.
وأشار إلى أن عدن تُعد من بين أكثر ست مدن في العالم عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، وفقًا لدراسات علمية موثوقة. ورغم هذه الحقيقة الصارخة، تستمر المشاريع في التمدد نحو الشريط الساحلي دون تقييم للأثر البيئي أو مراعاة لهشاشة المناطق المعنية. وتُشير التقديرات إلى أن أجزاء واسعة من خور مكسر، المنصورة، البريقة، وسواحل أخرى، مهددة بالغرق خلال العقدين القادمين.
وتُبرز المقالة خطورة الموقف، مشيرةً إلى أن بعض هذه المشاريع أُقيمت على حساب محميات الأراضي الرطبة في عدن، وهي خمس محميات طبيعية تمثل صمامات أمان بيئي للمدينة. يؤكد القاضي أن “البناء فوق هذه المناطق ليس فقط انتهاكًا للقانون، بل يُدمّر منظومات بيئية لا يمكن تعويضها، ويُفاقم هشاشة الساحل أمام أي ارتفاع محتمل لمستوى البحر”. كما حذر القاضي من أن البناء في “مجاري السيول والأودية” يفتح الباب أمام “كوارث محققة مع كل موسم أمطار غزيرة”.
ويختتم القاضي مقالته بتحذير شديد اللهجة: “إن غياب الالتزام بتوصيات هيئة حماية البيئة ومؤسسات التخطيط العمراني لا يؤدي فقط إلى إهدار المال العام والخاص، بل ينتج مناطق سكنية محفوفة بالمخاطر لا توفر أدنى درجات الأمان لسكانها، ويراكم تحديات اقتصادية وبيئية جسيمة يصعب احتواؤها لاحقًا.”
ويتساءل القاضي في نهاية مقالته: “هل ننتظر حتى تغمر المياه هذه ‘المدن الجديدة’ وتُصبح ذكرى؟ أم نملك شجاعة الاعتراف بالخلل وإعادة توجيه السياسات قبل فوات الأوان؟”. ويُشدد في ختام حديثه: “إن ما هو على المحك ليس مجرد مشاريع إسكان، بل مصير مدينة، وحق أجيال قادمة في بيئة آمنة، وتاريخ لن يتسامح مع أولئك الذين أداروا ظهورهم للعلم، وسكتوا عن العبث”.