السعودية وقيادة التحول

كتب / ماريا معلوف

في مشهدٍ لا تكتبه إلا الدول الكبرى، سجّلت السعودية، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نقطة تحوّل جديدة في مسار الشرق الأوسط نقطة لا تُقاس بالتصريحات، بل بالفعل.

في قلب نيويورك، وتحت سقف الأمم المتحدة، سيُعقد بين 17 و 20 حزيران مؤتمر دولي لحل الدولتين، برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا. نعم، السعودية تقود العالم نحو إعادة إحياء المبادرة الأكثر تعثراً في التاريخ المعاصر: دولة فلسطينية مستقلة، واعتراف دولي كامل بالحق الفلسطيني، بعد عقود من الوعود المتآكلة.

لكن السعودية لا تتحرّك بالكلام. بل بالفعل. فعندما زار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المملكة، لم يكن اللقاء مجاملة بروتوكولية، بل لحظة مفصلية، قال فيها ترمب بوضوح: “رفعت العقوبات عن سوريا بطلب مباشر من الأمير محمد بن سلمان… قال لي: لا يمكنهم الصمود. أعطهم فرصة… فوافقت”.

هذا هو نهج الرياض اليوم… تحقيق الاستقرار بالفعل لا بالقول.

وفي زمن تتردّد فيه عواصم الغرب في الاعتراف بفلسطين، تتحرّك السعودية لتصنع توازناً دولياً جديداً. فالمؤتمر المنتظر في حزيران (يونيو) لن يكون مجرّد لقاء، بل منصة لاعتراف جماعي بدولة فلسطين، تحرج الصمت الأوروبي وتُربك التعنّت الإسرائيلي.

كل هذا يجري والسعودية لا ترفع الصوت، بل ترفع السقف السياسي. من قرار أممي إلى مبادرة دولية، إلى ضغط ناعم على العواصم الكبرى، لتقف أمام مرآة العدالة، وترى أن الاستقرار يبدأ من إنهاء الظلم التاريخي للشعب الفلسطيني.

أما الأمير محمد بن سلمان؟ فهو لا يكتفي بدور القائد المحلي. بل يرسّخ موقعه كصانع قرار دولي. من سوريا إلى فلسطين، من واشنطن إلى نيويورك… السعودية تعود، لكن كقوة توازن، لا كطرف في نزاع.