معاشق

عبّود علي الشعبي

وصل اسم “معاشيق” هذه المرة الى أمريكا وأوروبا.. لأول مرة يعلم الناس حول العالم أن لدينا “معاشيق”، لكن يتغافل الساسة وصنّاع القرار أن لدينا شعب يطحنه الغلاء ويستبد به الجوع.

نسوا أن لدينا سلطة شرعية، لم تستطع وقف الحرب ووضع حد للمأساة، وإقناع الحوثي بالجلوس على طاولة الحوار.

خَرَج “معاشيق” هذه المرّة الى العَلَن حال وصول السيد معين عبد الملك إلى مدينة عدن.

كان أهالي تعز يأتون قديما من الأرياف إلى عدن، ينزلون واديًا، ويصعدون جبلًا بسياراتهم، حيث لا طريق مختصرة ولا إسفلت.

وكانت المدينة وجهة المسافرين من بلاد الحُجرية، يجدون فيها كل أغراضهم ومقاضيهم وبأسعار مناسبة، وكان الجنوب يفتح ذراعيه للقادمين من التُربة وحيفان والمواسط، حتى بلغ الحال بالسلطات في الزمن المتأخر لشق طريق “عدن تعز” تجسيدًا للعلاقة التاريخية بين المنطقتين الشقيقتين.

لكن ابن “صبر الموادم” اليوم يأتي إلى عدن من الرياض ومن عواصم البلدان، وعليه ستكون خدمة الشعب معقدة، لدى رئيس حكومة يأتي لمباشرة عمله من خارج البلد.

لقد تحوّل معاشيق اليوم إلى” معشق” لمغادرة أهل السلطة وأصحاب المسؤولية إلى الخارج.

إنّهم يتنقّلون في أحسن المراكب، وينزلون الفلل الوثيرة والدور الفخمة، ويلبسون ويتعطرون، إنهم يسيحون في الأرض وأحيانًا يتيهون!

يقدرون على كل شيء الّا من خدمة الشعب.

لقد أعربت أمريكا وبريطانيا وفرنسا عن القلق من التطورات الأخيرة في عدن، حيث أطلّ “معاشيق” على السوشيال ميديا، ولم تعرب تلك الدول عن قلقها من تدهور الحالة المعيشية للمواطنين في محافظات الجنوب والمناطق المحررة.

لا بأس من الإعراب عن القلق، لكن هذا الإعراب “ليس له محل من الإعراب”، فقد صار جزءًا من الجملة الدبلوماسية الممجوجة التي دوّخت العالم.

لقد حضر رئيس الوزراء معين عبد الملك على الرحب والسعة، والتقاه رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس الرئاسة عيدروس الزبيدي، وأخبرهُ أنهُ لم يعد مقبولًا بقاء أي وزير أو مسؤول في الخارج.

سيكون من المهم الآن تحريك الملف الاقتصادي وعمل حلول لتدهور العملة، وإصلاح فساد الكهرباء، حتى تكون “معاشيق” للمكوث في الأرض، وليس للوصول والمغادرة وإطالة المهزلة.

فلتحفظ الآن عواصم أوروبا اسم “معاشيق” بحروفه المركّبة من وسائل الإعلام، ولتترقّب معنا ماذا سيفعل من أجل خدمة الشعب.

وحين فتح السوشيال “بوقه” لشيء يسير حصل، وبعضه لم يحصل أُريق مداد الأقلام، واشتعلت المواقع، وكأنها قصة حُبِكَت بليل، من أجل لفت الأنظار إلى “معاشيق” المغمور، والإعراب عن القلق “من التطورات الأخيرة في عدن”!

يا معاشيق أفِقْ

واستعِدْ واستبِقْ

لو لشعبي تَرِقْ

لنجونا زمانْ.

 

*عن "الأيام".