ما وراء النزوح الوظيفي لذوي المناصب العليا إلى العاصمة عدن؟

جمال مسعود علي

وفقا للأوامر الادارية الصادرة من الخدمة المدنية بالتعيينات الوظيفية وترتيب اوضاع المعينين في الوظائف العامة كل في المكان الذي ترتب فيه وضعه وفقا للمهام الوظيفية المنوطة به بحسب امر التعيين، وتبعا لذلك تنطبق كل الاجراءات الادارية والاستحقاقات المالية للموظف بناءً على التقرير الشهري لوضع الموظف وانضباطه في العمل واداءه لمهامه الوظيفية باشراف المسؤولين عنه في المرفق ولهذا يتم التعامل معه في صرف الراتب والخصم ومنح الاجازة والتسوية الوظيفية والترقية من قسم الى آخر او فرض العقوبات بالإنذار ولفت النظر ونحوه بموجب المراقبة والاشراف المباشر على الموظفين من قبل المعنيين بالأمر هذا كله يتم في ظل الاوضاع الطبيعية للعمل في المرافق والمؤسسات سواءً الحكومية او الخاصة في الشركات والوكالات.

وفي ظل الاوضاع الغير مستقرة كالحروب والكوارث الطبيعية فان العمل بنظام الاداء الوظيفي يتوقف بالكامل لتعذر القيام به وبالتالي لا يلزم القانون أي عامل أو موظف بأداء واجبه الوظيفي اثناء الحروب والكوارث وكذا في النزوح الانساني ويبقى الحق القانوني باستلامه مستحقاته المالية كاملة غير منقوصة بحسب الاجراءات التي تتخذها الحكومة فيما يتعلق بصرف المرتبات الشهرية للموظفين في ظل تلك الاوضاع ولا يحق لأي إدارة قادرة وممكنة أن تمنع عن العمال والموظفين مرتباتهم الشهرية بحجة الحرب او النزوح طالما وتوفرت لها سبل الصرف الآمن للرواتب عبر الحوالات او الصرف اليدوي وهذا مكفول شرعا وقانونا.

اذن فلم الحاجة الى النزوح الوظيفي من مواقع اعمال الموظفين والعمال والزامهم بضرورة التواجد واثبات الحضور في اماكن تشق على النازح الموظف وتزيده عناء فوق عناءه وهو نازح.

هناك اجراء تم اتخاذه في بعض المرافق تحت مظلة النزوح الوظيفي والاداري لكبار الموظفين بدرجة مدير فما فوق، فلم يتم ترتيب وضع عامة النازحين من اصحاب الوظائف عدا أصحاب الوظائف العليا الذين استقروا في وظائف لا تقل درجة عن وظائفهم قبل النزوح في مخالفة قانونية قد تؤدي الى الازدوج الوظيفي، ولم تتخذ الاجراءات الادارية للفصل في مثل هذه القضايا كالنقل الوظيفي ماليا واداريا والخفض والاضافة بين الموقعين الوظيفيين اما ان يبقى الوضع الوظيفي نازح وظيفيا بين صنعاء وعدن فهذه مخالفة اخلاقية وقانونية وادارية.

رغم شحة الامكانيات وعجز الحكومة الدائم في تعزيز بند الرواتب وتكرر الازمات المالية لديها الا انها وبطريقة غير مبررة الزمت نفسها بإضافة اعباء النزوح الوظيفي الى حساباتها المتعثرة وبذلك خففت كثيرا عن الحكومة الانقلابية في صنعاء التي استفادت من هذا الاجراء الاداري للتعامل مع النزوح الوظيفي لتخلي مسؤوليتها وتنقلها الى حكومة عدن بل انها عززت هذا الاجراء بدفع الكثير نحو النزوح الوظيفي الاجباري من صنعاء الى عدن لغرض استلام الرواتب والمناصب الادارية وبالأخص للوظائف العليا بدرجة مدير فما فوق ليتكدس دون الحاجة عدد كبير من الوكلاء والوكلاء المساعدين ومدراء العموم باسم النزوح يتقلدوا مناصب ادارية فاعلة وممكنة وظيفيا في عدن بالذات ويتاح لهم المجال بحرية تامة للتنقل بين صنعاء وعدن تحت مظلة النزوح الانساني وهو نزوح وظيفي واحتلال للوظائف الادارية والمالية والتسيد عليها باسم الشرعية والانضمام اليها والعودة الى احضانها لتنتقل بذلك وزارات وادارات صنعاء الى عدن وتقضي على التواجد الوظيفي الناشئ والمحروم طيلة ثلاثين عام من التأهيل والتدريب للكادر الجنوبي في كل مرافق العمل لينزح اصحاب الوظائف العليا في الوزارات كافة الى عدن وينصبوا كوكلاء ومساعدين للوكلاء ومدراء عموم ورؤساء اقسام كاصحاب خبرة ومهارة وتجربة وسيستفيد منهم المرفق بشكل أكبر، افضل من الموظف الجنوبي قليل الخبرة والمهارة وهذا ما يتم التعامل به بكل صراحة حيث يعتمد الوكيل النازح من صنعاء الى عدن كوكيل رسمي في عدن حتى في ظل وكيل ملتزم بعمله، فيعتمد النازح الوكيل وكيلا اول وذلك وكيلا ثانيا او بالعكس التراتبي وليس الوظيفي فكم من وكيل جنوبي في مكتبه يقرأ الصحف ويشرب الشاي ويحضر الفعاليات البروتوكولية بينما الوكيل النازح فاعل ومؤثر وصاحب قرار ولديه الصلاحيات الكاملة ويحضر للتمثيل الرسمي في الخارج باسم الشرعية بينما قبل عدة أشهر كان يمثل حكومة صنعاء.

لسنا ضد النزوح الإنساني حاشا لله فلهم فتحنا قلوبنا قبل أبواب المساكن، فما احببنا ان تنصب لهم الخيام ولا يكدسون في المدارس والساحات فهم منا لهم مالنا وليس عليهم ما علينا، ومعالجة قضاياهم الوظيفية تتم وفق القانون كلهم على السواء ودون استثناء فهم غير ملزمون انسانيا بتوقيع الحضور الوظيفي والانصراف وليسوا ملزمين بالتواجد في أماكن للتجمع الوظيفي حتى يستحقون المرتبات فهذا سلوك غير انساني، اما ان يتم النزوح الوظيفي لذوي الوظائف العليا وتحت مسمى النزوح ترتب أوضاعهم بحسب الدرجة والمهام التي كانت في حكومة صنعاء الوزير بوزير والوكيل بوكيل والمدير بمدير فهذا تكدس وظيفي وازدواج واستبدال للكادر الجنوبي بنازح وظيفيا دون انتقال او انتداب اداري او اي اجراء قانوني ليس شيئا من ذلك سوى احلال بالبدل وتفريغ للوظائف من الكادر الجنوبي وعودة للهيمنة الوظيفية في وزارات وادارات المناطق المحررة لاحتلالها من جديد اداريا وماليا.