كتبت: نادرة عبد القدوس:
الأول من مايو، يومٌ كان له معنى وقيمة وعيد.. يومٌ كان عمال جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ينتظرونه على أحر من الجمر، ليس لأنه يوم أجازة عن العمل، بل لأن في هذا اليوم كانت الدولة تقيم الاحتفالات والعروض الرياضية والكرنفالية التي يشارك فيها عمال قطاعات العمل المختلفة، باستعراض ابداعاتهم، من خلال المجسمات المعبرة عن المهن ومجالات العمل المختلفة، كما كانت تصدح في هذا اليوم المشهود، حناجر كبار الفنانين بالأغاني الثورية والوطنية الحماسية التي يتفاعل معها الشعب بسعادة كبيرة وترقص الأجساد مع أنغام الموسيقى في قاعات الاحتفالات وفي الشوارع الرئيسية وفي (ستاد) الحبيشي أو في ساحة العروض.
يومٌ من الدهر.. كانت الدولة تُكرّم فيه أبرز العمال والموظفين، ذكوراً وإناثاً، في مختلف المصانع والمعامل والمرافق الخدماتية، لتحفيز العمال الآخرين والاقتداء بزملائهم. كان التنافس الشريف بين العمال على أشده، طوال العام، من أجل هذا اليوم العظيم.
يومٌ من الدهر.. عشناه أكثر من عقدين من الزمن (١٩٦٩م/١٩٩٤م) وبعد ذلك أضحى ذكرى تغلفها حسرة.
إخواني العمال.. اطلبوا الرحمة على ستين مصنعاً تم إغلاقهم في وجوهكم، بعد عام الطامة واحتلال الجنوب بقوة السلاح وقتل وتشريد ابنائه وتم التخلص منكم؛ فمنكم من مات كمداً وحسرة وألم وجوعاً وفقراً ومرضاً ومنكم من عاش تنهشه الحسرة ويشقيه البؤس وانتظر اللحاق بمن سبقوه إلى تحت الثرى. ومن ما زال بين ظهرانينا، تقتحمه الذكريات الجميلة الممزوجة بالحنين إلى ذلك الزمن الذي لن يعود.